عطلة الحداد
قصة قصيرة بقلم : إبراهيم محمد
قصة قصيرة بقلم : إبراهيم محمد
جلس في صفاء ما بعد العصر في المقهي . يتأمل حركات الكون في هدوء . لم يشعر بالصبي , وهو يغير أحجار النرجيلة . نفث الدخان بأسترخاء , ثم سعل قليلآ . شد بصره نهد أربعينية مضطرب . لا شيء يحرك دواخله كما تفعل النساء . دقق عينيه , كانت تمشي مع ولدها . طفل جديد يرتدي زي المدرسة . تحمل بدلآ منه حقيبة كتبه الصغيرة . أحست بنظراته فألتفتت . تلاقت أعينهما . جريئة بنت سوق . لمح الضحكة تترقرق في خجل مصطنع . زفر دخانه أكثر . ومضت .
يوم الأحد راحة الحرفيين في القاهرة . بحكم العادة يستيقظ مبكرآ . تناول الطعمية في نهم , وأستحم . ألقي نظرة علي الورشة فألفي أمامها صبية يتناقلون الكرة بين رجولهم . مضي ألي المقهي حيث يمضي نهاره عادة يومئذ .
أقتربت امرأة , مالت عليه :
أنا راحة السوق يا أخويا , تحب أجيب لك حاجة ؟!
هز رأسه . قالت لطفل :
سلم علي خالك يا واد . يووه , الواد بيكسف . طالع لك المنيل يا حسين .
تبادلا ضحكة . مضت في هدوء . أعجبه زيها الفضفاض . وأتزان خطوتها . ثمرة التربية الطويلة من أم صالحة .
أدرك أنه لو بقي داخل البيت لأصابه داء التفكير . سيفكر في الماضي والحاضر . المستقبل هو الزمن الذي يسقطه من حساباته . كالأب لا يعير للقادم أهتمامآ . يتذكر الأب بفانلته وسط الصالة يقول :
اللي يفكر في بكرة , لا يطوله ولا يطول دلوقت . واللي يفكر في الأمس , مش هيعيده ولا هيعيش اللي جاي .
كان الأب حدادآ . الورشة أسفل البيت . لاهيآ متطرفآ في تصرفاته . ضمه ألي العمل عندما بلغ الخامسة عشر . شجعه أن يترك الدراسة . حزنت الأم كثيرآ لأنها لن تر ابنها طبيبآ كما تتمني . أعجبه الحال في الورشة أكثر من المدرسة . لم يجد الأب مبررآ للقسوة عليه في تعليم الحرفة . فقد رأي منه حماسة ورغبة أقنعتاه بأن هذا الغلام سيصير أسطي في شهور قليلة .
الشمس بارزة . أشعتها ذكرته بالكير . كوب الليمون المثلج أحاطت به شبورة من الماء . بلل ريقه بقليل منه . نظرة ألي الحي من خلال العينين الواسعتين الصارمتين . وجد كل شيء لا زال علي حاله , لم يتغير ألا القليل . ربما تغيرت الصور , ولكن الأصل واحد .
دارت معركة بين أطفال عائدين من المدرسة . أفرغوا محتويات حقائبهم في عنف . تناولوا سبابآ مما يقوله لصبيانه وقت الخطأ . ألقوا علي بعضهم المياه . تدخل القهوجي لما رآهم يقتربوا من المقهي بأندفاع , فك الأشتباك بقوة . سبهم وسب أبائهم . عاد ألي الداخل يقول :
بقي دول منظر عيال في مدرسة ؟! . ثم أتبعها ببصقة علي الأرض .
البيت خال لو عاد . يؤنسه أولاد الأخت أذا أتت . كئيب لم يعد يحب العيش فيه . خلا من الأم في أول السنة . يفكر أن ينتقل ألي آخر , ولكن الورشة . لن يبيع البيت ألا وتصحبه الورشة .
أقترب أحد الأولاد , وجهه معبأ بالغبار . كان القهوجي يغير الحجر . رمقه بنظرة نارية . هتف في حدة :
أيه هشرب كوباية مياه ؟!
وخطف الكوب الموضوع . ألقاه في جوفه . سمعا صوت ينادي :
واد يا محمد . تعالي هنا بتعمل أيه ؟!
ألتفت ألي مصدره . رأي امرأة في أواخر الثلاثينيات . جميلة ذات وجه متصل بماضي مضطرب . ما أن رأته حتي أدارت وجهها عنه . لما أقترب الغلام صفعته علي وجهه في قسوة . جرته من يده . تبعها بعينيه , لاح فيهما أثر لذكري .
جاء حسن المبيض أليه . جلس في هدوء . طلب كوب شاي . ألفي صديقه يتبع المرآة بعينيه . قال مبتسمآ :
أتجوزت أهيه . وعندها عيل !
نظر أليه . جمعهما دور طاولة . فمه ينفث الدخان . ألقي نظرة علي الطريق الذي خلا من المرأة . بدا عليه أعتكار المزاج .
كانت الخطبة بسيطة . لعبت الأم فيها دورآ كبيرآ . ما أن أحست بما في صدر ابنها الأكبر , حتي سارعت ألي أم الفتاة لتطلب يدها . لم يكن يخفي شيئآ أمامها . الأم مستودع أسرار البيت كله . لم يتحمس الأب , ألا أنه لم يملك أمام رغبة الابن وأمه شيئآ .
نظر الأب أليهما في أول زيارة لهما نظرة طيبة , أنسته ما يعانيه من أضطراب في أموره المادية . أبتسم لنظرة الفرح التي رآها في عين حسين , ربت علي كتفه غامزآ بعينيه لما رآهما يتجهان للبلكونة .
ألقي حسن الزهر في عنف كعادته . نظر ألي وجه صديقه المتغير . الله مالك يا جدع ؟!
ولا حاجة !
وجد نفسه يرد تلقائيآ . بينما ينظر ألي زهر صاحبه .
أنتابت الأب أمراض الشيخوخة . أتي السكري يصحبه الضغط ثم أنضم القلب حتي ختمت الطامة الكبري بالسرطان في المخ . البيت كله أنتابه الشلل للكارثة المحدقة . أين المفر ؟!
وجد الأم بأخلاص تقدم ذهب العمر , وتسبقه بدموعها مسترسلة في ذكريات طيبة وعشرة عمر لن يعوضها كل ماتملك عن دقيقة منها . والابنة صغيرة تقف حائرة لا تدري فيما تقدم , كسرت حصالتها وقدمت ما بها ألي الأخ .
وجد نفسه في الرابعة والعشرين محمل بأعباء كبيرة . في هذا االوقت لجأ ألي الحشيش في المساء , والعمل بضراوة في النهار . لم يدخل البيت ألا لمامآ . وأذا دخل يطالعه وجه الأم الحزين علي عتبة باب غرفتها التي تجمعها بزوجها . والأخت التي أهملت دراستها كي تتفرغ بالعمل كممرضة للأب وخادمة للأم .
كم قاسية الأزمات وكم تعلمنا ؟! . لقد قدم الجميع تضحية فريدة في سبيل أنقاذ عامود البيت الذي أقامه لسنين . وبدا أن هذه التضحيات رغم جلالها لن تفيد .
قال الطبيب في أسف :
سيبوا الأمر لله . أي عمليات مش مضمونة , وهتكون مكلفة بلا داعي !
صرخت الأخت في وجهه لما أبلغهما بما قاله الطبيب . أتهمته بالتهرب من أداء واجبه تجاه أبيه . الأم ردت بدموع كانت أغزر مما رأي في حياته . خبط رأسه في الحائط بعنف . سال الدم منها .
وفي هذه الفترة كان قد أنقطع عن زيارة فردوس فترة طويلة . ولإن كان هذا منطقيآ , فإنه من غير المنطقي وعيبآ – في نظر الأم – أن لا تزورهما الفتاة ولا أمها طيلة هذه المدة . قالت الأخت في حقد :
ملعونة . بانوا علي حقيقتهم والله , عالم معفنة !
ضم الأخت ألي صدره . يحتويها أذا غضبت دائمآ . الصنعة أكسبته خبرة في المعادن . والناس معادن كما كان يذكر الأب .
نظر ألي الجسد الذي يوشك أن لا يراه ثانية في ألم , ثم أتجه ألي أصدقاء الليل الذين وجد فيهم ملاذآ من كآبة البيت .
وبعدين . ما تلعب يا حسين , مستني أيه ؟!
أنتزعه الصوت من الذكري , رمي الزهر في عدم أكتراث . وقف القهوجي علي مقربة , فأشار بيده أن لا يطلب شيئآ آخر . دقق النظر ألي الصندوق الخشبي ومثلثاته المرسومة . زغللة في عينيه أنتابتهما . أغلق عينيه ثم أعاد فتحهما .
شهدت الصالة واقعة عظيمة . أتت فردوس وأمها أخيرآ لزيارة الرجل المريض . أستقبلتهما الأخت في فتور . الأم أبت أن تخرج فأعتذر عنها بأنها نائمة . مسكينة طوال الليل تخدم زوجها , ولا تنام ألا قليلآ .
أراد أن يتجه مع خطيبته ألي بلكونة المنزل كالعادة . تحدثا , هربت بأعينها . يعرفها متي كانت كاذبة . في عينيها حيرة , تتهرب بهما ولا تستقر بهما في أتجاه .
أنطلق صياح من داخل البيت . الأخت واقفة قد أحمر وجهها غضبآ , وأم فردوس تجلس في هدوء . بدا أن الواقعة ستقع .
جواز أيه اللي نعمله دلوقت والراجل بيموت جوة ؟! أنتوا أيه مفيش دم خالص ؟!
ردت الأم في برود :
وأيه المانع ؟! . خليهم يتجوزوا ويلحقوا نفسهم . الخطوبة طولت . هنستني أيه كمان ؟!
يستنوا لحد ما الراجل يقف علي رجليه , ويقدر ييجي فرح ابنه .
ردت المرأة وهي تمضغ لبانة :
وأفرضي ما حصلش , يجري أيه ؟!
صرخت الأخت في حدة . دارت معركة حامية , لم يستطع أن يفصل الأطراف عن بعضها . أحتار أيهما المخطيء . أحتار أيهما الباديء بالسباب . أنقلب البيت ساحة حرب . تدخل الجيران وأصحاب النوايا السيئة في معرفة ما يدور داخل البيوت .
هدأت الحرب . أنفضت الخطوبة . مات الأب . كلآ في أسبوع واحد !
صاح حسن في ضيق :
الله أنت مش مع أبويا النهاردة خالص . سلام يا عم !
قام هو الآخر . لمح الأخت عائدة , حمل عنها أحدي الشنط . ضاق صدره فجأة , قال في حزن :
دي بقي معاها عيل طولي !
زفرت الأخت في ضيق , ثم أكملا سيرهما ..
يوم الأحد راحة الحرفيين في القاهرة . بحكم العادة يستيقظ مبكرآ . تناول الطعمية في نهم , وأستحم . ألقي نظرة علي الورشة فألفي أمامها صبية يتناقلون الكرة بين رجولهم . مضي ألي المقهي حيث يمضي نهاره عادة يومئذ .
أقتربت امرأة , مالت عليه :
أنا راحة السوق يا أخويا , تحب أجيب لك حاجة ؟!
هز رأسه . قالت لطفل :
سلم علي خالك يا واد . يووه , الواد بيكسف . طالع لك المنيل يا حسين .
تبادلا ضحكة . مضت في هدوء . أعجبه زيها الفضفاض . وأتزان خطوتها . ثمرة التربية الطويلة من أم صالحة .
أدرك أنه لو بقي داخل البيت لأصابه داء التفكير . سيفكر في الماضي والحاضر . المستقبل هو الزمن الذي يسقطه من حساباته . كالأب لا يعير للقادم أهتمامآ . يتذكر الأب بفانلته وسط الصالة يقول :
اللي يفكر في بكرة , لا يطوله ولا يطول دلوقت . واللي يفكر في الأمس , مش هيعيده ولا هيعيش اللي جاي .
كان الأب حدادآ . الورشة أسفل البيت . لاهيآ متطرفآ في تصرفاته . ضمه ألي العمل عندما بلغ الخامسة عشر . شجعه أن يترك الدراسة . حزنت الأم كثيرآ لأنها لن تر ابنها طبيبآ كما تتمني . أعجبه الحال في الورشة أكثر من المدرسة . لم يجد الأب مبررآ للقسوة عليه في تعليم الحرفة . فقد رأي منه حماسة ورغبة أقنعتاه بأن هذا الغلام سيصير أسطي في شهور قليلة .
الشمس بارزة . أشعتها ذكرته بالكير . كوب الليمون المثلج أحاطت به شبورة من الماء . بلل ريقه بقليل منه . نظرة ألي الحي من خلال العينين الواسعتين الصارمتين . وجد كل شيء لا زال علي حاله , لم يتغير ألا القليل . ربما تغيرت الصور , ولكن الأصل واحد .
دارت معركة بين أطفال عائدين من المدرسة . أفرغوا محتويات حقائبهم في عنف . تناولوا سبابآ مما يقوله لصبيانه وقت الخطأ . ألقوا علي بعضهم المياه . تدخل القهوجي لما رآهم يقتربوا من المقهي بأندفاع , فك الأشتباك بقوة . سبهم وسب أبائهم . عاد ألي الداخل يقول :
بقي دول منظر عيال في مدرسة ؟! . ثم أتبعها ببصقة علي الأرض .
البيت خال لو عاد . يؤنسه أولاد الأخت أذا أتت . كئيب لم يعد يحب العيش فيه . خلا من الأم في أول السنة . يفكر أن ينتقل ألي آخر , ولكن الورشة . لن يبيع البيت ألا وتصحبه الورشة .
أقترب أحد الأولاد , وجهه معبأ بالغبار . كان القهوجي يغير الحجر . رمقه بنظرة نارية . هتف في حدة :
أيه هشرب كوباية مياه ؟!
وخطف الكوب الموضوع . ألقاه في جوفه . سمعا صوت ينادي :
واد يا محمد . تعالي هنا بتعمل أيه ؟!
ألتفت ألي مصدره . رأي امرأة في أواخر الثلاثينيات . جميلة ذات وجه متصل بماضي مضطرب . ما أن رأته حتي أدارت وجهها عنه . لما أقترب الغلام صفعته علي وجهه في قسوة . جرته من يده . تبعها بعينيه , لاح فيهما أثر لذكري .
جاء حسن المبيض أليه . جلس في هدوء . طلب كوب شاي . ألفي صديقه يتبع المرآة بعينيه . قال مبتسمآ :
أتجوزت أهيه . وعندها عيل !
نظر أليه . جمعهما دور طاولة . فمه ينفث الدخان . ألقي نظرة علي الطريق الذي خلا من المرأة . بدا عليه أعتكار المزاج .
كانت الخطبة بسيطة . لعبت الأم فيها دورآ كبيرآ . ما أن أحست بما في صدر ابنها الأكبر , حتي سارعت ألي أم الفتاة لتطلب يدها . لم يكن يخفي شيئآ أمامها . الأم مستودع أسرار البيت كله . لم يتحمس الأب , ألا أنه لم يملك أمام رغبة الابن وأمه شيئآ .
نظر الأب أليهما في أول زيارة لهما نظرة طيبة , أنسته ما يعانيه من أضطراب في أموره المادية . أبتسم لنظرة الفرح التي رآها في عين حسين , ربت علي كتفه غامزآ بعينيه لما رآهما يتجهان للبلكونة .
ألقي حسن الزهر في عنف كعادته . نظر ألي وجه صديقه المتغير . الله مالك يا جدع ؟!
ولا حاجة !
وجد نفسه يرد تلقائيآ . بينما ينظر ألي زهر صاحبه .
أنتابت الأب أمراض الشيخوخة . أتي السكري يصحبه الضغط ثم أنضم القلب حتي ختمت الطامة الكبري بالسرطان في المخ . البيت كله أنتابه الشلل للكارثة المحدقة . أين المفر ؟!
وجد الأم بأخلاص تقدم ذهب العمر , وتسبقه بدموعها مسترسلة في ذكريات طيبة وعشرة عمر لن يعوضها كل ماتملك عن دقيقة منها . والابنة صغيرة تقف حائرة لا تدري فيما تقدم , كسرت حصالتها وقدمت ما بها ألي الأخ .
وجد نفسه في الرابعة والعشرين محمل بأعباء كبيرة . في هذا االوقت لجأ ألي الحشيش في المساء , والعمل بضراوة في النهار . لم يدخل البيت ألا لمامآ . وأذا دخل يطالعه وجه الأم الحزين علي عتبة باب غرفتها التي تجمعها بزوجها . والأخت التي أهملت دراستها كي تتفرغ بالعمل كممرضة للأب وخادمة للأم .
كم قاسية الأزمات وكم تعلمنا ؟! . لقد قدم الجميع تضحية فريدة في سبيل أنقاذ عامود البيت الذي أقامه لسنين . وبدا أن هذه التضحيات رغم جلالها لن تفيد .
قال الطبيب في أسف :
سيبوا الأمر لله . أي عمليات مش مضمونة , وهتكون مكلفة بلا داعي !
صرخت الأخت في وجهه لما أبلغهما بما قاله الطبيب . أتهمته بالتهرب من أداء واجبه تجاه أبيه . الأم ردت بدموع كانت أغزر مما رأي في حياته . خبط رأسه في الحائط بعنف . سال الدم منها .
وفي هذه الفترة كان قد أنقطع عن زيارة فردوس فترة طويلة . ولإن كان هذا منطقيآ , فإنه من غير المنطقي وعيبآ – في نظر الأم – أن لا تزورهما الفتاة ولا أمها طيلة هذه المدة . قالت الأخت في حقد :
ملعونة . بانوا علي حقيقتهم والله , عالم معفنة !
ضم الأخت ألي صدره . يحتويها أذا غضبت دائمآ . الصنعة أكسبته خبرة في المعادن . والناس معادن كما كان يذكر الأب .
نظر ألي الجسد الذي يوشك أن لا يراه ثانية في ألم , ثم أتجه ألي أصدقاء الليل الذين وجد فيهم ملاذآ من كآبة البيت .
وبعدين . ما تلعب يا حسين , مستني أيه ؟!
أنتزعه الصوت من الذكري , رمي الزهر في عدم أكتراث . وقف القهوجي علي مقربة , فأشار بيده أن لا يطلب شيئآ آخر . دقق النظر ألي الصندوق الخشبي ومثلثاته المرسومة . زغللة في عينيه أنتابتهما . أغلق عينيه ثم أعاد فتحهما .
شهدت الصالة واقعة عظيمة . أتت فردوس وأمها أخيرآ لزيارة الرجل المريض . أستقبلتهما الأخت في فتور . الأم أبت أن تخرج فأعتذر عنها بأنها نائمة . مسكينة طوال الليل تخدم زوجها , ولا تنام ألا قليلآ .
أراد أن يتجه مع خطيبته ألي بلكونة المنزل كالعادة . تحدثا , هربت بأعينها . يعرفها متي كانت كاذبة . في عينيها حيرة , تتهرب بهما ولا تستقر بهما في أتجاه .
أنطلق صياح من داخل البيت . الأخت واقفة قد أحمر وجهها غضبآ , وأم فردوس تجلس في هدوء . بدا أن الواقعة ستقع .
جواز أيه اللي نعمله دلوقت والراجل بيموت جوة ؟! أنتوا أيه مفيش دم خالص ؟!
ردت الأم في برود :
وأيه المانع ؟! . خليهم يتجوزوا ويلحقوا نفسهم . الخطوبة طولت . هنستني أيه كمان ؟!
يستنوا لحد ما الراجل يقف علي رجليه , ويقدر ييجي فرح ابنه .
ردت المرأة وهي تمضغ لبانة :
وأفرضي ما حصلش , يجري أيه ؟!
صرخت الأخت في حدة . دارت معركة حامية , لم يستطع أن يفصل الأطراف عن بعضها . أحتار أيهما المخطيء . أحتار أيهما الباديء بالسباب . أنقلب البيت ساحة حرب . تدخل الجيران وأصحاب النوايا السيئة في معرفة ما يدور داخل البيوت .
هدأت الحرب . أنفضت الخطوبة . مات الأب . كلآ في أسبوع واحد !
صاح حسن في ضيق :
الله أنت مش مع أبويا النهاردة خالص . سلام يا عم !
قام هو الآخر . لمح الأخت عائدة , حمل عنها أحدي الشنط . ضاق صدره فجأة , قال في حزن :
دي بقي معاها عيل طولي !
زفرت الأخت في ضيق , ثم أكملا سيرهما ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق