السبت، 30 يوليو 2016

ثوب الفراشات - قصة للطفل من سن 6-9 تأليف عزت عبد العزيز حجازي من مجموعتي القصصية (كنز القرية)

كانت (عنود) صبية صغيرة تسكن الصحراء، وقد مات أبواها في الحرب، دفاعاً عن الوطن، فلم تحزن كثيراً، لأنهما صارا شهيدين، والشهداء أحياء عند ربهم يُرزقون، كما أخبرنا الله في قرآنه الكريم، ومع كل طلعة شمس، تخرج (عنود) من خيمتها لرعي الغنم، وهى تلبس ثوبًاً مطرزاً بالرسوم والألوان البديعة، تتهافت الفراشات على الوقوف عليه.
 تعجَّبَ الناس من هذا الثوب، وحسدوا صاحبته، فقال بعضهم: ما أغبى الفراشات، ألم تجد غير هذه البنت الفقيرة السمراء، لتقف على ثوبها؟.
وقال آخرون:‏ هذا سِحر، الصبية تعيش وحيدةً مع جدتها، ولابُد أن الجدةَ صنعتْ لها ثوباً مسحوراً!.
وقال رجُل أصلع، وهو ينظر حزيناً إلى رأسه في المرآة:‏ آه لو أن الفراشات تترك ثوب (عنود)، وتغطي صلعتي.
وفي يوم، وقف أحد جنود المراقبة على قمة جبل الجلالة في سيناء؛ ليراقب السماء بمنظاره المقرب، ليتأكد أن السماء خالية من أى طائرات دخيلة، وبلا قصد منه؛ مال المنظار من يده نحو الأرض؛ فلمح الجندي ثوب (عنود) بفراشاته الملونة البديعة، فارتاب فى أمره، وأمر صاحبته؛ وراح يُخبر قائده في الحال!.
نظُر رئيس الجنود في المنظار بسرعة، فرأى ثوب (عنود) الجميل، وفي ثانية؛ قرر النزول من الجبل، وما إن وصل إلى الصبية، وهى تجلس مع أغنامها بجوار أشجار النخيل؛ حتى سألها عن سر ثوبها، وإلا اعتبرها جاسوسة؛ أعطاها الإرهابيين هذا الثوب كى يُصاب جنود المراقبة بالسحر، فيمتنعوا عن القيام بواجبهم، وبدلاً من مراقبة الجو، يقومون بمراقبة ثوبها، والفراشات الجميلة التى تتراقص عليه!. 
 وقفت (عنود) بشجاعة أمام رئيس الجنود؛  وقالت له: لا.. أنا لست جاسوسه لأحد.. أنا مثل أبائي وأجدادي أحب وطني؛ وأدافع عنه!.
ثم التقطت (عنود) بلطف إحدى الفراشات من جناحيها، ورفعتها عن الثوب، فظهرت من تحتها زهرةٌ رائعة الجمال، خطفت بصر رئيس الجنود وعقله، فقال بذهول:‏ أتقصدين أن هذه الزهرة من تطريز يديك الصغيرة، وأن الفراشة تتشبث بها لشدة جمالها؟.
أجابت  (عنود): نعم. 
فقال رئيس الجنود: غير معقول، أنتِ لا تزيدي عن الرابعة عشر من عمرك.
وفي التو واللحظة؛ أخبرت (عنود) رئيس الجنود؛ أنها تعلمت الصنعة من جدتها، عندما كانت أقصرَ من شتلة الورد؛ فرد عليها القائد قائلاً: لا؛ لن أصدقك حتى أمتحنك.
 قالت عنود: ما هو امتحانك يا سيدي؟.
قال رئيس الجنود: اسمعي، بعد شهور قليلة، يأتي عيد تحرير سيناء، أُريدك أن تطرزى لي ثوباً، تقف الفراشات على أزهاره، لألبسه في تلك المناسبة السعيدة، وسوف أراقبك من مكاني على الجبل؛ وأنت تقومين بعملك. 
 قالت عنود: بكل سرور أيها القائد، وأنا مستعدة أن أعطي خبرتي لأبناء وطني القادمين لزراعة وتعمير سيناء.

 وبالفعل، قامت (عنود) كل صباح بالجلوس مع أغنامها تحت أشجار النخيل، إلى أن انتهت من تطريز ثوب قائد الجنود، وأثواب أخرى، وحين حان موعد عيد النصر، أقامت القبيلة احتفالاً كبيراً، رقصت فيه الخيول والجمال على أنغام الموسيقى، ودعوا إليه قائد الجنود، وهو يلبس الثوب المطرز الذى تقف عليه الفراشات، وكان فى استقباله (عنود) وصبيان وصبايا القبيلة، بأثوابهم الزاهية التي تتراقص الفراشات عليها، فتضاعف الفرح والسرور، وعرف من لم يعرف سر ثوب (عنود)، وسر الفراشات الجميلة التي تقف عليه، فهتف الجميع لبراعتها، كما هتفوا لعيد النصر.
****

قصة للطفل
من سن 6-9
تأليف 
عزت عبد العزيز حجازي
من مجموعتي القصصية (كنز القرية)

ليست هناك تعليقات:

مشاركة مميزة

لمحات من أحد طواغيت التاريخ (ستالين) (الإله.. الذي أنكروه) - عزت عبد العزيز حجازي - من كتاب جبروت الطاغية وطغيان الحاشية)

¨   بعد أن أطلقوا عليه في حياته أسماء كثيرة، كادت أن ترفعه إلى مقام الآلهة أو الأنبياء.. فقد قالوا عنه أنه:(أحب شعبه؛ وأنه "ال...

المشاركات الشائعة أخر 7 أيام