الجمعة، 16 فبراير 2018

ملجأ أم فوزي - عزت عبد العزيز حجازي

"يا أم فوزي؛ إفتحي الباب"
وكالعاده؛ كان الباب مفتوحاً. وكالعادة نهلل لفتحه قبل هبوطنا.
"هناء. غنوه؛ شو تعملوا"
رحت أزعق من نافذة جارتنا أم فوزي زعيق طيور بحرية فوق جثة طافية؛ ليطلا رفيقتاي من نافذة بيتهما المفصول عن بيتنا بمساحة أرض خلاء؛ تؤدي إلى صحن زاوية الصلاة؛ ولما كانت نافذة هناء وغنوة عالية؛ فكان الشب والتشعلق بحافة النافذة الوسيلة الوحيدة ليكتشفا مكاني.
"شو خيفانين؟ هالا إذا فتنا عالملجا؛ فوتوا معنا منتسالا؛ شكل الليله قويه؛ ورح ننام بالملجأ" 
قلت للبنتين؛ رغم أنهما لا يذهبا لملجأ المنشر أبداً؛ ويكتفيا وأسرتهما ببدروم بيتهما الصغير. فجأة... سمعت أنا وأهلي صوت المدافع ينطلق على البُعد؛ فاستغلينا هدوء حينا؛ وركضنا الى ملجأ المنشر؛ وأصوات الطائرات الحربية الإسرائيلية تخترق الأجواء؛ وتهدر بعنف؛ وكانها قاصدة تخوفينا ليس إلا. وظلت ضربات المدافع قويه؛ ولكنها لم تزل بعيده. وبالمقابل؛ بدا هناك رد بالقرب من حينا على القصف؛ لمسناه من دنو صوت الإطلاقات؛ فوضعنا بداخل الملجأ أيادينا على آذاننا؛ ورؤوسنا بين رُكبنا؛ جالسين القرفصاء في حالة ذعر وهلع مكتومين؛ وحيث الصمت عن الكلام بحيرة بلا قاع؛ وكأن صوت الإطلاقات يلغي اللغة؛ أو كأنه يشيد جداراً عازلاً؛ أو كأنه يزيد وعي الإنسان بفرديته وعزلته ووحدته؛ فيسقط كل واحد منا في بئره الخاص.
عزت عبد العزيز حجازي
(من روايتي القادمة)

ليست هناك تعليقات:

مشاركة مميزة

لمحات من أحد طواغيت التاريخ (ستالين) (الإله.. الذي أنكروه) - عزت عبد العزيز حجازي - من كتاب جبروت الطاغية وطغيان الحاشية)

¨   بعد أن أطلقوا عليه في حياته أسماء كثيرة، كادت أن ترفعه إلى مقام الآلهة أو الأنبياء.. فقد قالوا عنه أنه:(أحب شعبه؛ وأنه "ال...

المشاركات الشائعة أخر 7 أيام