آخر الأسباط
في ذكرى رحيل الشاعر الكبير محمود درويش
ستكون رائحة الرّفات مواسمي
وعيون مقبرة تسابق بومةَ الأقدار نحوي:
في شطّها ثمرُ المذابح يكبرُ
والموْتُ يتْعبُ ربّما منّي قليلاً ربّما
حتّى يحاولَ مرّةً أخرى مباغتتي
فأنا ونصل الموت نبدو أصدقاءْ
وحصاد بوصلةُ السّنابل ربّما
سرّ الغباءْ
ثلّاجة الأموات في صخب تضمّ بشائري
أعليّ عند جلالة الدّخلاء وضع مصائري؟
موتٌ و أقفاصٌ وأفعى جدّلت
في موطني الحزن الّذي يطوي عيون الخلق في لحن الدّجى
وقتٌ كأطياف يباري أمّتي
والطّيف في ألعوبة يسري على جدران داري علّه
يعطي المماليك الّتي أرخت دمي
في صيغة الموت الحكيم
كلّ الممالك من ضفائرها حبال مشانقي
أمست موائدها تزيّنُ برأسي هامتي
تومي لهم بركاتها ..أشلاء فرّتْ من صهيل النّصلْ
فمُ نعْوة مرسومة ترخي المباسم ضحكة صفراءْ
وأنا المحارب رغم منحدر السّقوطْ
مابين مشكاة المقابر والدّجى
ناي الحداد ترنّم
سأراه بين قوافل الشّهداء يجمع شهقة
أمست قناطر كي أمرَّ إلى عرين بدايتي
لا شعلة تبني ضواحي عودتي
عفن السّلام تلذّذ
فالعدل في بطحاء نسيان سعى
لغة الأعاجم أزهرت..
بصماتها كأوابد تحكي روائح غفلتي
وغدي لديْهمْ مُوْغلٌ
هو كالمسافر فيهما لا لا يعودْ
مسعورةُ السّاعات فوق لحمي والخرابْ
تزدان للرّيح التي لبستْ عيون الله
مأوى تعاليم الطلاسم في نوافذ عقلنا
وأنا الّذي يهوى فلسطين الّتي من روضها
تنساب كالأنهار آلام الثّرى
سأعدُّ من خطط الشّهامة أحرفاً..
نحو أوردة الهدى
قبري لقافلة يغرّدُ للغد
فالموت يعتقل القيامة كلّما..
ضاقت بنا الأرض الّتي في رحمها كنّا السّنا
قد لفّنا كالوغد مضطرب المجاهل بالكفنْ
والعابرون إلى الغزاة ظلالهم..
كسحابة فرشت جنين مواجعي
قالوا وكم قالوا هنا
لا بدَّ إنــّكَ واهبُ الأحزانْ
تأتي فيأتي لابساً عبق الكفنْ
بصراحة الحمقى أراني محتضنـّاً عجاج روافد المجهول قلْْ
لي أيها المجهولُ أينَ أنا؟
ولغاية ما تستوي الصهوات نعشٌ أم صدى
ولأنـّني مرثية الأوقات من حطب الحروف
قيثارتي نغمٌ يدسُّ لهيب الرّوح مجداً للقصائدْ
يا أهل بابل كيفَ عادوا لي كالغزاة مدجّجين إلى غدي؟
أخذوا عروس الكون منّا كالسّبيّة ثمَّ مدّوا لي منافي
ورفات ماضيهم كحاخام يشدُّ قيودنا
ولسانُ توراة يزخرفُ كالوصايا هيكلاً
يدنو بما شاء الأفول لنا
ودمُ المشيّمة المسالُ لهم دمي
يا أيّها الموتُ السّدى..
صمت الأخوة يحزّ عنق مفاخري
ألديكَ من قمح الشّهامة بيدراً ..
يمحو البّرايا في حديث زاهر
هل نحتسي خمر الوعود؟
قالوا على أرضي تراتيل الرّدى
يا برتقالي من يواري ما رمت أصدائهم
في كلِّ أفق سوف يغتال النّدى
عدنا إلى بحر الرّميم الهائجِ
من كلِّّ مرسى نحمل الذّكرى التي في رحمها يحبو السّدى
من أسرج الموت الذي في شرفتي ؟
هم أم أنا
قالوا أنا ... خدّاعة أقوالهم
من هاهنا بدء الحماقاتِ الرّواسي حولنا
زبدٌ على فوّاحة النعوات كالمعتوهْ
والأرضُ كالفرس الجموحة حالها
وهناكَ مسرحها يمدُّ أفئدة الخريف الدّائم
لغزٌ وسرٌّ مرفقٌ كالنّار يلذغُ مشرقا
أينَ المفرُّ؟
وهواجسُ الفقدان كالشّهوات تبرقُ بالعمى
أهنا بمأوى غمرة الشّكّ الضّرير حقيقة
والبئر نحن بلا صلابة يوسف
كم نمتطي كالعنكبوت متاهة الخطوات
نبكي كما الأطفال غولاً يكتسي فمَ قصّة
مصلوبةً لا نسغ فيها للغد
ونلوذُ نبتهلُ الدّعاء أمامها ..
كثبانها كثياب أرواح العباد تطيرُ في سفر الخنوعْ
وأنا التراب شرارتي ومسافتي
إنـّي لأرثي بالوميض العورة الأولى بنا
لا دمعَ حينُ يعاندُ الصّلصال منطق أصله
مصقول في بعد الغرائب كالرّدى
كنْ كالنّبوءة و القصيدة عابراً
ساعات ما تتلو العقاربُ والثّعالبُ في جنوح مكرها
فهناكَ بوصلة ُ الشّقائق والدّم
وطلائع التعساء تختصر المدائن في رقيم جنازتي
بجموح محتفل يلوكُ المبهم
وكأنّما صحف المذابح أورقتْ من رحمها
هذي يدي قد أزهرت تحت الرّكام
تستنهض الصّبح الجريح إلى مخاض قيامتي
تتلمّس الدّرب الّذي أخفى الصّدى العربيّ
هلْ عندَ عقم تمائم صفصافةٌ ترثي لنا
متفحّماً ملقى على بصر الخرائب والدّمار؟
لاشيء عندي مشتهى يا موطني
إنّا يتامى من وقود مذابح
وشواء لحمي فوق إسفلت المكائد قد روى
لبّ الكلام وما طغى
الشاعر العربي الفلسطيني أحمد عموري


ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق